وتعديلُهم. فإنّه سبحانه قرَنَ شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، واستشهد بهم على أجلِّ مشهودٍ به، وجعَلَهم حجّةً على من أنكر هذه الشَّهادة، كما يحتجُّ بالبيِّنة على من أنكر الحقَّ. فالحجّةُ قامت بالرُّسل على الخلق، وهؤلاء نوّابُ الرُّسل وخلفاؤهم في إقامة حجج الله على العباد.
فصل
وقد فُسِّرت شهادةُ أولي العلم بالإقرار، وفسِّرت بالتّبيين والإظهار، والصَّحيحُ: أنّها تتضمَّن الأمرين، فشهادتُهم إقرارٌ، وإظهارٌ وإعلامٌ.
وهم شهداءُ الله على النّاس يوم القيامة. قال الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البقرة: ١٤٣]. وقال تعالى:{سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا}[الحج: ٧٨] فأخبر أنّه جعلهم عَدْلًا خيارًا، ونوَّه بذكرهم قبل أن يُوجِدهم لما سبق في علمه من اتِّخاذه لهم شهداء يشهدون على الأمم يوم القيامة. فمن لم يقم بهذه الشّهادة علمًا وعملًا، ومعرفةً وإقرارًا، ودعوةً وتعليمًا وإرشادًا، فليس من شهداء الله. والله المستعان.
وقوله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: ١٩] اختلف المفسِّرون: هل هو كلامٌ مستأنَفٌ، أو داخلٌ في مضمون هذه الشّهادة، فهو بعض المشهود به؟
وهذا الاختلاف مبنيٌّ على القراءتين في كسر «إنّ» وفتحها. فالأكثرون