للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال صاحب «المنازل» (١): (باب الصَّحْو. قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ (٢)} [سبأ: ٢٣]).

وجه استدلاله بإشارة الآية: أنَّ الله سبحانه إذا تكلّم بالوحي صَعِقت الملائكة، وأخذهم شبه الغشي مِن تكلُّم الرب جلَّ جلاله، فإذا كُشف الفزعُ عن قلوبهم، وجُلِّي عنها، وأفاقوا من ذلك الغشي، قال بعضهم لبعضٍ: ماذا قال ربُّكم؟ فيستخبر أهلُ كلِّ سماءٍ مَن يليهم، حتى ينتهي الأمر إلى أهل السماء السابعة، فيسألون جبريل: يا جبريل، ماذا قال الله؟ فيقول: الحقَّ، وهو العليُّ الكبير (٣).

قال (٤): (الصَّحو فوق السُّكر، وهو يناسب مقام البسط. والصحو مقامٌ صاعدٌ عن الانتظار، مغنٍ عن الطلب، طاهرٌ من الحرج، فإنَّ السُّكر إنَّما هو في الحقِّ، والصَّحو إنَّما هو بالحقِّ؛ وكلُّ ما كان في عين الحقِّ لم يخلُ من حيرةٍ، لا حيرة الشُّبهة، بل حيرة في مشاهدة نور العزَّة؛ وما كان بالحقِّ لم يخلُ من صحَّةٍ، ولم يُخَفْ عليه نقيصةٌ، ولم تتعاوره علَّة. والصحو من منازل


(١) (ص ٩٨).
(٢) أكملت الآية في ت، ر. والقدر المثبت موافق لمطبوعة «المنازل» و «شرح التلمساني» (ص ٥٤٣).
(٣) انظر: «تفسير الطبري» (١٩/ ٢٧٤ - ٢٨٠)، وحديث ابن مسعود عند أبي داود (٤٧٣٨) وابن حبان (٣٧).
(٤) «المنازل» (ص ٩٨ - ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>