المقدور إليه، سأله أو لم يسأله. ولكن يكون سؤاله على وجه التّذلُّل، وإظهارِ فقْرِ العبوديّة وذلِّها بين يدي عزِّ الرُّبوبيّة، فإنّ الرّبّ تعالى يحبُّ من عبده أن يسأله ويرغب إليه، لا لأنّ وصول برِّه وإحسانه إليه موقوفٌ على سؤاله، بل هو المتفضِّلُ به ابتداءً بلا سببٍ من العبد، ولا توسُّطِ سؤاله وطلبِه. بل قدَّر له ذلك الفضل بلا سببٍ من العبد، ثمّ أمرَه بسؤاله والطّلب منه، إظهارًا لمرتبة العبوديّة والفقر والحاجة، واعترافًا بعزِّ الرُّبوبيّة وكمالِ غنى الرّبِّ وتفرُّدِه بالفضل والإحسان، وأنّ العبد لا غِنى له عن فضله طرفةَ عينٍ، فيأتي بالطّلب والسُّؤال إتيانَ من يعلم أنّه لا يستحقُّ بطلبه وسؤاله شيئًا.
وقال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ليسألْ أحدُكم ربَّه كلَّ شيءٍ، حتّى شِسْعَ نعلِه إذا انقطع، فإنّه إن لم يُيسِّره لم يتيسَّر»(١).
(١) أخرجه الترمذي (٣٦١٢)، وابن حبان (٨٦٦، ٨٩٤، ٨٩٥)، والطبراني في «الدعاء» (٢٥) وغيرهم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وروى غير واحد هذا الحديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت البناني عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكروا فيه عن أنس. وضعَّفه الألباني في «السلسلة الضعيفة» (١٣٦٢).