للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا النُّور كالشّمس في قلوب المقرّبين السّابقين، وكالبدر في قلوب الأبرار أصحابِ اليمين، وكالنّجم في قلوب عامّة المؤمنين. فكَمْ (١) بين الزُّهرة والسُّهى!

قوله: (وتثبت باتِّباع السُّنّة)، أي ثباتها بمتابعة الرّسول - صلى الله عليه وسلم - في أعماله وأقواله وأخلاقه. فبحسب هذا الاتِّباع يكون منشأ هذه المحبّة وثباتها وقوّتها، وبحسب نقصانه يكون نقصانها. كما تقدّم أنّ هذا الاتِّباع يوجب المحبّة والمحبوبيّة معًا، ولا يتمُّ الأمر إلّا بهما. فليس الشّأن في أن تحبّ الله، بل الشّأن في أن يحبّك الله، ولا يُحبّك إلّا إذا اتّبعتَ حبيبَه ظاهرًا وباطنًا، وصدَّقتَه خبرًا، وأطعتَه أمرًا، وأجبتَه دعوةً، وآثرتَه طوعًا، وفَنِيتَ عن حكم غيره بحكمه، وعن محبةِ غيرِه من الخلق بمحبّته، وعن طاعةِ غيره بطاعته. وإن لم يكن ذلك فلا تَتَعنَّ (٢)، فلستَ على شيءٍ.

وتأمّلْ قوله: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١]، أي الشّأن في أنّ الله يحبُّكم، لا في أنّكم تحبُّونه، وهذا لا تنالونه إلّا باتِّباع الحبيب.

قوله: (وتَنمو على الإجابة بالفاقة) , الإجابة بالفاقة: أن يجيب الدّاعيَ بموفور الأعمال وهو خالٍ منها, كأنّه لم يعملْها، بل يجيب دعوتَه بمجرّد الإفلاس والفقر التّامِّ, فإنّ طريقة الفقر والفاقة تأبى أن يكون لصاحبها عملٌ أو حالٌ أو مقامٌ, وإنّما يدخل على ربِّه بالإفلاس المحض، والفاقة المجرّدة. ولا ريبَ أنّ المحبّة تنمو على هذا المشهد وهذه الإجابة. وما أعزَّه من مقامٍ,


(١) ش، د: «وكما».
(٢) ش: «فلا تتعب».

<<  <  ج: ص:  >  >>