للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحقيقة الأمر (١) أنّ الحقّ سبحانه يُفنيهم عمّا سواه ويُبقيهم به، وما سواه هو المعالم والرُّسوم.

قال (٢): (وهو على ثلاث درجاتٍ: بقاء المعلوم بعد سقوط العلم عينًا (٣) لا علمًا، وبقاء المشهود بعد سقوط الشُّهود وجودًا لا نعتًا، وبقاء ما لم يزل حقًّا بإسقاط ما لم يكن مَحْوًا).

قلت: أمَّا بقاء المعلوم بعد سقوط العلم، فقد يظهر في بادئ الأمر امتناعه، إذ كونه معلومًا ــ مع سقوط العلم به ــ جمعٌ بين النقيضين، فكأنّه معلومٌ غير معلومٍ، فإنّ المعلوم لا يكون معلومًا إلّا بالعلم، فكيف يكون معلومًا مع سقوطه؟

وجواب هذا أنَّ هاهنا أمرين:

أحدهما: وجود صورة المعلوم في قلب العالم، وإدراكه لها، وشعوره بها.

والثاني: علمه بعلمه وشعوره، وهو أمرٌ وراء حضور تلك الصُّورة. وهذا في سائر المدارك، فقد يرى الرّائي الشيء ويسمعه ويَشَمُّه، ويغيب عن علمه وشعورِه بصفة نفسه التي هي إدراكه، فيغيب بمدركه عن إدراكه، وبمعلومه عن علمه به، وبمرئيِّه عن رؤيته.

فإن قلت: أوضِحْ لي هذا لينجلي فهمه.


(١) ش، د: «وحقيقته الا».
(٢) «المنازل» (ص ١٠٥).
(٣) ر: «عيانا».

<<  <  ج: ص:  >  >>