للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرك عن الله بخبرٍ أنزلتَه منزلةَ ما تسمعه من الله بأذنك.

وبالجملة: فتجعل الرّسولَ شيخك وأستاذك، ومعلِّمك ومربِّيك ومؤدِّبك، وتُسقِط الوسائطَ بينك وبينه إلّا في التّبليغ، كما تُسقِط الوسائط (١) بينك وبين المرسل في العبوديّة، ولا تُثبِت وساطةً إلّا في وصول أمره ونهيه ورسالته إليك.

وهذان التّجريدان حقيقة شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا رسول الله (٢). فالله وحده المعبود المألوه، الذي لا يستحقُّ العبادةَ سواه، ورسولُه المُطاع المتَّبَع المقتدَى به، الذي لا يستحقُّ الطّاعةَ سواه. ومَن سِواه فإنّما يُطاع إذا أمر بطاعته، فيطاع تبعًا لا أصلًا (٣).

وبالجملة: فالطّريق مسدود إلّا على من اقتفى آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واقتدى به في ظاهره وباطنه.

فلا يتعنَّى السّالكُ على غير هذه الطّريق، فليس حظُّه من سلوكه إلّا التّعب، وأعمالُه {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ يَحْسِبُهُ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ} [النور: ٣٩].

ولا يتعنّى السّالك على هذه الطّريق (٤)، فإنّه واصلٌ ولو زحفَ زحفًا. فأتباعُ الرّسول إذا قعدتْ بهم أعمالُهم قامتْ بهم عزائمُهم وهِممُهم


(١) ر: «الوسائل».
(٢) ر: «عبده ورسوله».
(٣) ر: «تبعا للأصل».
(٤) ت: «غير هذه الطريق».

<<  <  ج: ص:  >  >>