وبين رؤية الخلق. فيرى الحقّ سبحانه وحده قائمًا بذاته، وكلّ شيءٍ قائم به، متوحِّدًا في كثرة أسمائه وأفعاله وصفاته، ولا يرى معه غيره، عكسَ حالِ من يشهد غيرَه ولا يشهده.
وليس الشّأن في هذا الشُّهود، فإنّ صاحبه في مقام الفناء، فإن لم ينتقل منه إلى مقام البقاء وإلّا انقطع انقطاعًا كلِّيًّا. ففي هذا المقام إن لم يطمئنّ إلى حصول البقاء وإلّا عطَّل الأمرَ، وخلعَ رِبقةَ العبوديّة من عنقه. فإذا اطمأنّ إلى البقاء طمأنينةَ من يعلم أنّه لا بدَّ له منه وإن لم يصحبه، وإلّا فسدَ وهلك= كان هذا من طمأنينة الجمع إلى البقاء.
فصل
وأمّا طمأنينة المقام إلى نور الأزل، فيريد به: طمأنينة مقامه إلى السّابقة التي سبق بها في الأزل، فلا تتغيّر ولا تتبدّل، ولهذا قال:«طمأنينة المقام»، ولم يقل:«طمأنينة الحال». فإنّ الحال يزول ويحول، ولو لم يَحُلْ لما سمِّي حالًا، بخلاف المقام.
فإذا اطمأنّ إلى السّابقة والحسنى التي سَبقتْ له من الله في الأزل، كان هذا طمأنينة المقام إلى الأزل، وهذا هو شهود أهل البقاء بعد الفناء.