للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعواض تتفاوت، ومن يطلب منه العوض يختلف.

والمقصود: أنّ قوله: (لا لأنفسهم) ليس على إطلاقه، وفي أثرٍ إلهيٍّ (١): «ابنَ آدم، كلٌّ يريدك لنفسه، وأنا أريدك لك» (٢).

وقوله: (ثمَّ هي للأئمَّة الربَّانيِّين، الصادرين عن وادي الجمع)، يعني: الذين فَنُوا في الجمع، ثمّ حصلوا في البقاء بعد الفناء، فذلك صدورهم عن وادي الجمع.

قوله: (المشيرين عن عينه)، يعني: الذين إذا أشاروا أشاروا عن عينٍ لا عن علمٍ، فإنّ الإشارة تختلف باختلاف مصدرها: فإشارةٌ عن علمٍ، وإشارةٌ عن كشفٍ، وإشارةٌ عن شهودٍ، وإشارةٌ عن عينٍ.

فصل

قد عرفتَ أنّ هذا الباب مبناه على محو الأسباب، وعدم الالتفات إليها والوقوف معها، ولهذا سمّى المصنِّف نَصْبَها «تلبيسًا».

ونحن نقول: إنَّ الدِّين هو إثبات الأسباب، والوقوف معها، والنظر إليها، والالتفات إليها، وإنّه لا دينَ إلّا بذلك، كما لا حقيقة إلّا به، فالحقيقة والشريعة مبناهما على إثباتها، لا على محوها، ولا يُنكَر الوقوف معها، فإنَّ الوقوف معها فرضٌ على كلِّ مسلمٍ، لا يتمُّ إيمانُه إلّا بذلك. والله تعالى أمرنا بالوقوف معها، بمعنى أنَّا نُثبِت الحُكْم إذا وُجِدتْ، وننفيه إذا عُدِمَتْ، ونستدلُّ بها على حكمه الكونيِّ، فوقوفنا معها بهذا الاعتبار هو مقتضى


(١) ت: «الأثر الإلهي».
(٢) ذكره المؤلف في «الداء والدواء» (ص ٥٣٦)، ولم أجده مسندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>