للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

المشهد الثّالث: مشهد العفو والصّفح والحِلم، فإنّه (١) متى شهدَ ذلك وفضْلَه وحلاوتَه وعِزّتَه= لم يَعدِلْ عنه إلّا لغَبَشٍ في بصيرته، فإنّه ما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلّا عِزًّا كما صحّ ذلك عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وعُلِمَ بالتّجربة والوجود. وما انتقَم أحدٌ لنفسِه إلّا ذلَّ.

هذا، وفي الصّفح والعفو والحلم: من الحلاوة والطُّمأنينة والسّكينة، وشرفِ النّفس وعزِّها (٣) ورفعتِها عن تشفِّيها بالانتقام= ما ليس شيءٌ منه في المقابلة والانتقام.

فصل

المشهد الرّابع: مشهد الرِّضا، وهو فوق مشهد العفو والصّفح، وهذا لا يكون إلّا للنُّفوس المطمئنّة، سيّما إن كان ما أُصيبتْ به سببُه القيام لله، فإذا كان ما أصيبتْ به في الله وفي مرضاته ومحبّته رضيتْ بما نالها في الله. وهذا شأنُ كلِّ محبٍّ صادقٍ يرضى بما يناله في رضا محبوبه من المكاره، ومتى تسخَّط به وتشكّى منه كان ذلك دليلًا على كذبه في محبّته، والواقع شاهدٌ بذلك. والمحبُّ الصّادق كما قال (٤):


(١) «فإنه» ليست في ش، د.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٨٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) ل: «وعزتها».
(٤) البيت بلا نسبة في «المدهش» (ص ١٨١). وأورده المؤلف في «شفاء العليل» (ص ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>