للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال صاحب «المنازل» (١): (الاغتراب: أمرٌ يشار به إلى الانفراد عن الأكفاء).

يريد أنّ كلّ من انفرد بوصفٍ شريفٍ دون أبناء جنسه، فإنّه غريبٌ بينهم لعدم مشارِكِه أو قلّته.

قال (٢): (وهو على ثلاث درجاتٍ؛ الدّرجة الأولى: الغربة عن الأوطان، وهذا الغريب موته شهادةٌ، ويُقاس له في قبره مِن مَدفِنه إلى وطنه، ويُجمَع يوم القيامة إلى عيسى ابن مريم).

لمّا كانت الغربة هي الانفراد، والانفراد إمّا بالجسم وإمّا بالقصد والحال وإمّا بهما= كان الغريبُ غريبَ جسمٍ، أو غريبَ قلبٍ وإرادةٍ وحالٍ، أو غريبٌ (٣) بالاعتبارين.

قوله: (وهذا الغريب موته شهادةٌ) يشير به إلى الحديث الذي رُوي عن هشام بن حسَّان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «موت الغريب شهادةٌ» (٤). ولكن هذا الحديث لا يثبت، وقد روي بطرقٍ لا يصحُّ


(١) (ص ٨٧).
(٢) «المنازل» (ص ٨٨).
(٣) ط: «غريبا»، والمثبت من النسخ مرفوع على القطع، أي: أو هو غريب.
(٤) أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (٣/ ٣٠٠) ــ ومن طريقه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢/ ٤٠٩) ــ والآجري في «الغرباء» (٥١) من طريق أبي رجاء عبد الله بن الفضل الخراساني، عن هشام بن حسَّان به. وأبو رجاء ضعيف منكر الحديث.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند ابن ماجه (١٦١٣)، وأبي يعلى (٢٣٨١)، والطبراني (١١/ ٢٤٦)، والبيهقي في «الشعب» (٩٤٢٦)، وغيرهم. وإسناده واهٍ أيضًا، فيه الهُذيل بن الحكم، قال البخاري: منكر الحديث. انظر: «التاريخ الأوسط» للبخاري (٣/ ٦٠١) و «الضعفاء» للعقيلي (٦/ ٢٩٧) و «بيان الوهم والإيهام» (٢/ ٢٦٣) و «البدر المنير» (٥/ ٣٦٦ - ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>