للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّكَ غريبٌ أو عابر سبيلٍ» (١). وهكذا هو في نفس الأمر أمَرَ (٢) أن يطالع ذلك بقلبه ويعرفه حقّ المعرفة.

ولي من أبياتٍ في هذا المعنى (٣):

وحيّ على جنّات عدنٍ فإنّها ... منازلك الأولى وفيها المخيّم

ولكنّنا سبي العدوِّ فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلّم

وأيُّ اغترابٍ فوق غربتنا التي ... لها أضحت الأعداءُ فينا تَحَكّم

وقد زعموا أنّ الغريبَ إذا نأى ... وشطّت به أوطانُه ليس ينعم

فمن أجل ذا لا ينعَمُ العبدُ ساعةً ... من العمر إلّا بعدها (٤) يتألّم

وكيف لا يكون العبد في هذه الدّار غريبًا، وهو على جناح سفرٍ، لا يحلُّ عن راحلته إلّا بين أهل القبور؟ فهو مسافرٌ في صورة قاعدٍ، وقد قيل (٥):

وما هذه الأيّام إلّا مراحل ... يحثُّ بها داعٍ إلى الموت قاصدُ

وأعجبُ مِن ذا (٦) لو تأمّلتَ أنّها ... منازلُ (٧) تُطوَى والمسافرُ قاعدُ


(١) أخرجه البخاري (٦٤١٦).
(٢) ت، ر، ط: «لأنه أمر».
(٣) وهذه الأبيات من القصيدة المعروفة بالميمية، نشرت ضمن مجموعة «رسائل أربح البضاعة ص ٦٣ - ٧٣»، وذكر المؤلف في «حادي الأرواح» (١/ ١٣ - ١٥) و «طريق الهجرتين» (١/ ١٠٨ - ١١٥) أبياتا كثيرةً منها.
(٤) ر: «بعدما».
(٥) «وقد قيل» من ر.
(٦) ت، ر: «شيء».
(٧) ت: «مراحل».

<<  <  ج: ص:  >  >>