للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا إخلاؤه للسّمع فهو يتضمّن إخلاءه من شيءٍ، وإخلاءه لشيءٍ (١). فيُخلِيه من استماعه ذِكْرَ الغير، ويُخلِيه لاستماعه أوصافَ المحبوب وذكْرَه وحديثَه. وقد يقوى إلى أن يبعد بين قلب صاحبه وبين إدراك الحواسِّ؛ لانقهار الحسِّ لسلطان القلَق.

وقوله: (ويُطاوِل الطّاقة) يعني: يُصابرها ويقاومها، فلا تَقدر طاقةُ الاصطبار على دفعه وردِّه.

فصل

قال (٢): (الدّرجة الثّالثة: قلقٌ لا يرحم أبدًا، ولا يقبل أمدًا، ولا يُبقِي أحدًا).

يريد: أنّ هذا القلق له القهر والغلبة، لأنّه ربّما كان عن شهودٍ، فإذا عَلِقَ بالقلب لم يبقَ عليه حتّى يُلقِيَه في فناء الشُّهود.

(ولا يقبل أمدًا)، أي لا يقبل حدًّا ومقدارًا يقف عنده وينقضي به، كما ينقضي ذو الأمد، فإنّه حاكمٌ غير محكومٍ عليه، مالكٌ للقلب غير مملوكٍ له.

(ولا يُبقي أحدًا)، أي (٣) يُلقي صاحبَه في الشُّهود الذي تفنى فيه الرُّسوم وتضمحلُّ، فلا يُبقِي معه على أحدٍ رسمَه حتّى (٤) يفنِيه.

* * * *


(١) ت: «بشيء».
(٢) «المنازل» (ص ٧٥).
(٣) ش: «أن».
(٤) ش: «حين».

<<  <  ج: ص:  >  >>