للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن أبيه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «أَقرِئْ أمّتَك منِّي السّلام، وأخبِرْهم أنّ الجنّة طيِّبة التُّربة عذبةُ الماء، وأنّها قِيعانٌ، وأنّ غِراسَها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر». رواه التِّرمذيُّ وأحمد وغيرهما (١).

وفي «الصّحيحين» (٢) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الذي يذكر ربّه والّذي لا يذكره مَثل الحيِّ والميِّت». ولفظ مسلمٍ: «مَثَلُ البيت الذي يُذكَر الله فيه والبيت الذي لا يُذكَر الله فيه: مَثلُ الحيِّ والميِّت».

فجعل بيت الذّاكر بمنزلة بيت الحيِّ، وبيت الغافل بمنزلة بيت الميِّت وهو القبر. وفي اللّفظ الأوّل جعل الذّاكر بمنزلة الحيِّ، والغافل بمنزلة الميِّت. فتضمَّنَ اللّفظان أنّ القلب الذّاكر كالحيِّ في بيوت الأحياء، والغافل كالميِّت في بيوت الأموات. ولا ريبَ أنّ أبدان الغافلين قبورٌ لقلوبهم، وقلوبهم فيها كالأموات في القبور، كما قيل (٣):

فنسيانُ ذكرِ الله موتُ قلوبهم ... وأجسامُهم قبلَ القبورِ قبورُ


(١) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي (٣٤٦٢) من حديث ابن مسعود، وحسَّنه، مع أن فيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف. وأخرجه أحمد (٢٣٥٥٢)، وابن حبان (٨٢١)، والطبراني في «الكبير» (٣٨٩٨) وفي «الدعاء» (١٦٥٧) من حديث أبي أيوب - رضي الله عنه -. وحسَّنه المنذري في «الترغيب» (٢/ ٤٤٥) وابن حجر في «نتائج الأفكار» (١/ ١٠٠).
(٢) البخاري (٦٤٠٧)، ومسلم (٧٧٩).
(٣) البيتان أنشدهما المؤلف مرة ثانية (٤/ ١٦٥)، وفي «إغاثة اللهفان» (١/ ٣٣)، و «مفتاح دار السعادة» (١/ ١٣٠، ٣٨٧). ويُنسبان لعلي بن أبي طالب في «ديوانه» (ص ٤٦ - طبع الهند ١٢٩٣ هـ)، وأنشدهما الماوردي في «أدب الدين والدنيا» (ص ٧٣) لبعض أهل العصر. والشطر الأول من البيتين مختلف في هذه الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>