للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وقد تقسَّمت الطّوائفُ التّوحيدَ (١)، وسمّى كلُّ طائفةٍ باطلَهم توحيدًا.

فأتباعُ إرَسْطو وابن سينا والطُّوسيِّ، عندهم التَّوحيدُ: إثباتُ وجودٍ مجرَّدٍ عن الماهيّة والصِّفة، بل هو وجودٌ مطلقٌ، لا يعرض لشيءٍ من الماهيَّات، ولا يقوم به وصفٌ، ولا يتخصَّص بنعتٍ، بل صفاتُه كلُّها سلوبٌ وإضافاتٌ! فتوحيدُ هؤلاء غايةُ الإلحاد والجحد والكفر.

وفروعُ هذا التّوحيد: إنكارُ ذات الرّبِّ، والقولُ بقِدَم الأفلاك، وأنّ الله لا يبعث من في القبور، وأنَّ النُّبوّةَ مكتسَبةٌ، وأنّها حرفةٌ من الحرف كالولاية والسِّياسة، وأنّ الله لا يعلم عددَ الأفلاك ولا الكواكب، ولا يعلم شيئًا من الموجودات المعيَّنة البتّة، وأنّه لا يقدر على قلب شيءٍ من أعيان العالم ولا شقِّ الأفلاك ولا خَرْقها، وأنّه: لا حلال ولا حرام (٢)، ولا أمر ولا نهي، ولا جنّة ولا نار. فهذا توحيد هؤلاء!

وأمّا الاتِّحاديّة، فالتَّوحيدُ عندهم: «أنَّ الحقَّ المنزَّه هو عينُ الخلق المشبَّه» (٣)، وأنّه سبحانه عينُ وجود كلِّ موجودٍ وحقيقتُه وماهيَّتُه، وأنّه


(١) زيد قبله «في» بحرف صغير في ش، د.
(٢) ت: «لا حرام ولا حلال».
(٣) هذه الجملة من «فصوص الحكم» لابن عربي وقد وردت في «فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية» (ص ٧٨). وقد نقلها المؤلف في «الداء والدواء» (ص ٢٩٩ - ٣٠٠) وغيره، وشيخ الإسلام في «الجواب الصحيح» (٤/ ٣٠٠) و «جامع المسائل» (٧/ ٢٤٧) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>