للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ محبّته ومشيئته متلازمان أو متَّحدان.

فهؤلاء (١) لا يجيء من سالكيهم وعُبَّادهم ما جاء من سالكي الجبريَّة وعُبَّادهم البتّة، لمنافاة عقائدهم لمشاهد أولئك وعقائدهم. بل غايتُهم التَّعبُّدُ والورَعُ، وهم في تعظيم الذُّنوب والمعاصي خيرٌ من أولئك، وأولئك قد يكونون أقوى حالًا وتأثيرًا منهم.

فمنشأُ الغلط: التّسويةُ بين المشيئة والمحبّة، واعتقادُهم وجوبَ الرِّضا بالقضاء. ونحن نبيِّن ما في الفصلين (٢).

فصل

فأمّا المشيئة والمحبّة، فقد دلَّ على الفرق بينهما القرآنُ والسُّنَّةُ والعقلُ والفطرةُ وإجماعُ المسلمين.

قال الله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: ١٠٨]. فقد أخبر أنّه لا يرضى بما يبيِّتونه من القول المتضمِّن للبَهْتِ ورميِ البريء، وشهادةِ الزُّور، وبراءةِ الجاني؛ فإنَّ الآيةَ نزلت في قصّةٍ هذا شأنها (٣)، مع أنَّ ذلك كلَّه بمشيئته، إذ أجمع المسلمون على أنّه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ولم يخالف في ذلك إلّا القدريّةُ المجوسيّةُ الذين يقولون: يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء.


(١) ع: "وهؤلاء".
(٢) بعده في ع زيادة: " إن شاء الله تعالى، فإنَّ القوَّةَ لله جميعًا".
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (٧/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>