للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قوله: إذا أراد الله بالمريد خيرًا أوقعَه على الصُّوفيّة، ومنعَه صحبةَ القُرّاء.

فالقرّاء في لسانهم: هم أهل التّنسُّك والتّعبُّد، سواءٌ كانوا يقرؤون القرآن أم لا، فالقارئ عندهم هو الكثير التّعبد والتّنسُّك، الذي قد قصرَ همّتَه على ظاهر العبادة، دونَ أرواح المعارف وذوق حقائق الإيمان وروح (١) المحبّة وأعمال القلوب، فهِمَمُهم كلُّها إلى العبادة، ولا خبر (٢) عندهم ممّا عند أهل التّصوُّف وأرباب القلوب وأهل المعارف. ولهذا قال من قال: طريقنا تَفَتٍّ لا تَقَرٍّ (٣).

فسَيرُ هؤلاء بالقلوب والأرواح، وسيرُ أولئك مجرّد الأشباح والقوالب، وبين أرواح هؤلاء وقلوبهم وأرواح هؤلاء وقلوبهم (٤): نوعُ تناكرٍ وتنافرٍ، ولا يقدر أحدهم على صحبة (٥) النّوع الآخر إلّا على نوع إغضاءٍ وتحميلٍ للطّبيعة ما تأباه. وهو من جنس ما بينهم وبين ظاهريّة الفقهاء من التّنافر، ويسمُّونهم أصحاب الرُّسوم، ويسمُّون أولئك القرّاء. والطّائفتان عندهم أهل ظواهرٍ، لا


(١) د: «ورفع».
(٢) ل: «خير».
(٣) لم أجد هذا القول فيما بين يديّ من المصادر. و «تَفَتٍّ» مصدر تَفَتَّى أي اتخذ سبيل الفتوة، و «تَقَرٍّ» مصدر تَقَرَّأ أي تنسَّك وتفقَّه، وأصله تقرُّؤٌ، حصل فيه ما حصل في تَوَضِّي وتَجزِّي، وأصلهما: تَوضُّؤ وتَجزُّؤ.
(٤) «وأرواح هؤلاء وقلوبهم» ليست في ش، د.
(٥) د: «صحته».

<<  <  ج: ص:  >  >>