للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قوله: (ولا يحجبك رجاءٌ)؛ فلأنّ الرّاجي لطلبِه حاجتَه يحتاج إلى التّملُّق والتّذلُّل، فيحجُبه رجاؤه وطمعه فيما يناله من المعظَّم عن انبساطه معه، كالسّائل للغنيِّ، فإنّ سؤاله وطمعه يمنعه من انبساطه إليه. فإذا غاب عن ذلك انبسط.

وقوله: (ولا يحولُ بينك وبينه آدم ولا حوّاء) استعارةٌ.

والمعنى: أنّك تراه أقربَ إليك من أبيك وأمِّك، وأرحمَ بك منهما، وأشفقَ عليك. فلا تُوسِّطْ بينك وبينه أبًا خرجتَ من صلبه، ولا أمًّا ركَضْتَ في رحمها.

وفيه معنًى آخر، وهو الإشارة إلى أنّك تُشاهد خَلْقه لك بلا واسطةٍ، كما خلق آدم وحوّاء. فتشاهد خَلْقَه لك بيده، ونَفْخَه فيك من روحه، وإسجادَ ملائكته لك، ومعاداةَ إبليس حيث لم يسجد لك، وأنت في صلب أبيك آدم.

وهذا يوجب لك شهودُه من (الانبساط في الانطواء عن الانبساط، وهو رحب الهمّة لانطواء انبساط العبد في بسط الحقِّ جلّ جلاله) (١).

ومعنى هذا: أن لا يرى العبد لنفسه انبساطًا ولا انقباضًا، بل ينطوي انبساطُه ويضمحلُّ في صفة البسط التي للحقِّ جلّ جلاله. وهذا شهود معنى اسمه «الباسط» عزّ وجلّ.

فهذا تقرير كلامه، على أنّ فيه مقبول ومردود (٢)، ولا معنى لتعلُّق


(١) ما بين القوسين الدرجة الثالثة كما في «المنازل» (ص ٤٩).
(٢) كذا في الأصول مرفوعين، والوجه النصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>