للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقَدَر الذي قدّرنا أن يكون في وقته. وهذا كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٨]. لأنّ الله سبحانه وعد بإرسال نبيٍّ في آخر الزّمان يملأ الأرض نورًا وهدًى، فلمّا سمعوا القرآن علموا أنّ الله أنجزَ ذلك الوعد الذي وعد به.

واستشهاده بهذه الآية يدلُّ على محلِّه من العلم، لأنّ الشّيء إذا وقع في وقته الذي هو أليقُ الأوقات بوقوعه فيه كان أحسنَ وأنفعَ وأجدى (١)، كما إذا وقع الغيثُ في أحوجِ الأوقات إليه، وكما إذا وقع الفَرَجُ في وقته الذي يليق به.

ومن تأمّلَ أقدار الرّبِّ تعالى وجَرَيانَها في الخلق علِمَ أنّها واقعةٌ في أليق الأوقات بها. فبعث الله سبحانه موسى أحوجَ ما كان النّاس إلى بعثته، وبعث عيسى كذلك، وبعث محمّدًا - صلى الله عليه وسلم - أحوجَ ما كان أهل الأرض إلى إرساله، فهكذا وقت العبد مع الله يَعمُره بأنفع الأشياء له أحوجَ ما كان إلى عمارته.

قوله: (الوقت: ظرف الكون)، الوقت: عبارةٌ عن مقاربة (٢) حادثٍ لحادثٍ (٣) عند المتكلِّمين، فهو نسبةٌ بين حادثينِ (٤). فقوله: (ظرف الكون) أي وعاء التّكوين، فهو الوعاء الزّمانيُّ الذي يقع فيه التّكوين، كما أنّ ظرف المكان هو الوعاء المكانيُّ الذي يحصل فيه الجسم.


(١) ت: «وأجدر».
(٢) ر، ت: «مقارنة».
(٣) ت: «جاذب لجاذب».
(٤) ت: «جاذبين».

<<  <  ج: ص:  >  >>