للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى، فإنَّ هذا الرُّجوع الذي حصل لها (١) فيه رضاها والرِّضا عنها إنَّما نالته بالطُّمأنينة، وهو حظُّ الكسب من هذه الآية، وموضع التَّنبيه على موقع الطُّمأنينة وما يحصل لصاحبها.

فلنرجع إلى شرح كلامه:

قوله: (الرِّضا هو الوقوف الصادق) يريد به الوقوف مع مراد الرب تعالى الديني حقيقةً، من غير تردُّدٍ في ذلك ولا معارضةٍ. وهذا مطلوب القوم السابقين، وهو الوقوف الصادق مع مراد الحق (٢)، من غير أن يشوب ذلك تردُّد، ولا يزاحمه (٣) مراد.

قوله: (حيثما وقف العبد)، يصحُّ أن يكون العبد فاعلًا، أي حيث ما وقف بإذن ربِّه لا يلتمس تقدُّمًا ولا تأخُّرًا. ويصحُّ أن يكون مفعولًا، وهو أظهر، أي حيثما وقف الله العبدَ، فإنَّ (وقَفَ) يُستعمل لازمًا ومتعدِّيًا، أي حيثما وقفه الله يقف (٤)، أي لا يطلب تقدُّمًا ولا تأخُّرًا. وهذا إنَّما يكون فيما يقفه فيه من مراده الكوني الذي لا يتعلَّق بالأمر والنهي.

وأمَّا إذا وقفه في مرادٍ دينيٍّ، فكماله بطلب التقدُّم فيه دائمًا، فإن (٥) لم تكن همَّته التقدُّم إلى الله في كلِّ لحظةٍ رجع من حيث لا يدري، فلا وقوفَ في


(١) أي: للنفس. وفي النسخ عدا ش: «له»، سبق قلم.
(٢) ع: «مع محابِّ الربِّ تعالى».
(٣) ش: «مزاحمة».
(٤) السياق في ع: «أي حيثما وقفه ربُّه لا يطلب ... ».
(٥) ع: «فإنه إن».

<<  <  ج: ص:  >  >>