للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت فرقةٌ: الصَّغائرُ ما دون الحدَّين. والكبائر ما تعلَّق بها أحدُ الحدَّين (١).

ومرادهم بالحدَّين: عقوبة الدُّنيا والآخرة، فكلُّ ذنبٍ عليه عقوبةٌ مشروعةٌ محدودةٌ في الدُّنيا كالزِّنى والشُّرب والسَّرِقة والقذف، أو عليه وعيدٌ في الآخرة كأكلِ مال اليتيم، والشُّرْبِ في آنية الفضّة والذّهب، وقتلِ الإنسان نفسَه، وخيانة أمانته، ونحو ذلك= فهو من الكبائر. وصدق ابنُ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - (٢)، هي إلى السَّبعمائة أقرَبُ منها إلى السَّبع (٣).

فصل

وهاهنا أمرٌ ينبغي التّفطُّن له، وهو أنَّ الكبيرةَ قد يقترن بها من الحياءِ والخوفِ والاستعظامِ لها ما يُلْحِقها بالصَّغائر، وقد يقترن بالصَّغيرة من قلَّةِ الحياء وعدمِ المبالاة وتركِ الخوف والاستهانةِ بها ما يُلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها.

وهذا أمرٌ مرجعُه إلى ما يقوم بالقلب، وهو قدرٌ زائدٌ على مجرَّد الفعل، والإنسانُ يعرف ذلك من نفسه وغيره.

وأيضًا فإنَّه يُعفى للمحبِّ ولصاحب الإحسان العظيم ما لا يُعفَى لغيره، ويسامَحُ بما لا يسامَح به غيرُه.


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١١/ ٦٥٠، ٦٥٨)، وهو عند شيخ الإسلام أمثل الأقوال في هذه المسألة.
(٢) بعده في ع زيادة: "في قوله".
(٣) تقدَّم تخريجه (ص ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>