للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبَّ إليه من أن يُسأل العافية. وإنَّ الدُّعاءَ لينفع ممَّا نزل وممَّا لم ينزل، فعليكم عبادَ الله بالدُّعاء».

فإذا كان هذا محبَّة الربِّ للدُّعاء، فلا ينافي الإلحاحُ فيه الرِّضا.

الثالث: أن ينقطع طمعه عن الخلق، ويتعلَّق بربِّه في طلب حاجته، قد أفرده بالطَّلب، لا يلوي على ما وراء ذلك. فهذا قد يُنشئ (١) له المصلحةَ مِن نفس الطلب وإفراد الربِّ بالقصد.

والفرق بينه وبين الذي قبله: أنَّ ذلك قد فتح عليه بما هو أحبُّ إليه من حاجته، فهو لا يبالي بفواتها بعد ظفره بما فتح عليه. وبالله التوفيق.

فصل

قال (٢): (الدرجة الثالثة: الرِّضا برضا الله، فلا يرى العبد لنفسه سخطًا ولا رضًا، فيبعثه على ترك التحكُّم وحسم الاختيار وإسقاط التمييز ولو أدخل النار).

إنَّما كانت هذه الدرجة أعلى ممَّا قبلها من الدرجات عنده لأنَّها درجة صاحب الجمع، الفاني بربِّه عن نفسه وعمَّا منها، قد غيَّبه شاهدُ رضا الله بالأشياء في وقوعها على مقتضى مشيئته عن شاهد رضاه هو، فيشهد الرِّضا لله ومنه حقيقةً، ويرى نفسه فانيًا ذاهبًا مفقودًا. فهو يستوحش من نفسه، ومن


(١) ش، ع: «تنشأ».
(٢) «المنازل» (ص ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>