للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: ٥١ - ٥٢].

فصل

والله جعل العبوديّةَ وصفَ أكملِ خلقه وأقرَبِهم إليه، فقال: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء: ١٧٢]. وقال: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦)} [الأعراف: ٢٠٦].

وهذا يبيِّن أنّ الوقف التّامّ في قوله: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (١) هاهنا، ثمّ يبتدئ: {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ١٩ - ٢٠]. فهما جملتان تامّتان مستقلّتان، أي: له من في السّماوات ومن في الأرض عبيدًا وملكًا، ثمّ استأنف جملةً أخرى فقال: {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} يعني: أنّ الملائكة الذين عنده لا يستكبرون عن عبادته: لا يأنفون عنها ويتعاظمون (٢). ولا يستحسرون، فيعيَون وينقطعون. يقال: حسِرَ واستَحْسَرَ، إذا تعب وأعيا. بل


(١) في النسخ الأربع ما عدا الأصل: "وله من في السماوات ومن في الأرض"، وهو خطأ. وقد غيَّر بعضهم في الأصل أيضًا ليوافق ما في غيره.
(٢) معطوف على "يأنفون". يعني: "ولا يتعاظمون" كما في ج. وفي ل ضرب بعضهم على الواو وكتب في الهامش: "أي لا" مع علامة صح.

<<  <  ج: ص:  >  >>