للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الفرق بين تكفير السّيِّئات ومغفرة الذُّنوب

وقد جاء في كتاب الله تعالى ذكرُهما مقترنين، وذكرُ كلِّ واحدٍ منهما مفردًا عن الآخَرَ.

فالمقترنان كقوله تعالى حاكيًا عن عباده المؤمنين: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: ١٩٣].

والمفرد كقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ} [محمد: ٢]، وقوله في المغفرة: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} [محمد: ١٥]، وقوله (١): {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} [آل عمران: ١٤٧] ونظائره.

فهاهنا أربعة أمورٍ (٢): ذنوبٌ، وسيِّئاتٌ، ومغفرةٌ، وتكفيرٌ.

فالذُّنوب: المراد بها الكبائر. والمراد بالسّيِّئات: الصّغائر، وما تعمل فيه الكفَّارة من الخطأ وما جرى (٣) مجراه. ولهذا جعَل لها التَّكفيرَ، ومنه أُخذت الكفَّارة. ولهذا لم يكن لها سلطانٌ ولا عملٌ في الكبائر في أصحِّ القولين، فلا تعمل في قتل العمد ولا في اليمين الغَموس في ظاهر مذهب أحمد ومذهب أبي حنيفة (٤).


(١) ع: "وكقوله".
(٢) ش: "أمور أربعة".
(٣) ما عدا ج، ع: "جرت".
(٤) انظر: "المغني" (١٢/ ٢٢٦)، (١٣/ ٤٤٨)، و"الهداية" للمرغيناني (٢/ ٣١٧)، (٤/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>