للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأسر قلبه ويجعله رقيقًا ــ أي عبدًا مملوكًا ــ للمنظور إليه (١)، لأنه لما شاهد من جماله وكماله فاسترقّ قلبه له، فلم يكن بينه وبين رقِّه له إلّا مجرّدُ وقوعِ لحْظِه عليه (٢).

فهكذا صاحب هذه الحال إذا لاحظ بقلبه جلالَ الرُّبوبيّة، وكمالَ الرّبِّ سبحانه، وكمال نعوته، ومواقع لطفه وفضله وبرِّه وإحسانه= استرقّ قلبه له، وصارت له عبوديّةٌ خاصّةٌ.

قال (٣): (وهو في هذا الباب على ثلاث درجاتٍ. الدّرجة الأولى: ملاحظة الفضل سبقًا. وهي تقطع طريقَ السُّؤال إلّا ما استحقّته الرُّبوبيّة من إظهار التّذلُّل لها، وتُنبِت السُّرور إلّا ما يشوبه من حذر المكر، وتبعث على الشُّكر إلّا ما قام به الحقُّ عزّ وجلّ من حقِّ الصِّفة).

الشّيخ عادته في كلِّ بابٍ أن يقول: «وهو على ثلاث درجاتٍ»، وقال هاهنا: «وهو في هذا الباب على ثلاث درجاتٍ»، فعيَّن هذا الباب هنا دون غيره من الأبواب، لأنّ (٤) اللّحظ مشتركٌ بين لَحْظِ البصر ولَحْظ البصيرة، والشّيخ إنّما أراد هذا الثّاني دون الأوّل، فإنّ كلامه فيه خاصّةً.

وهو لمّا صدّر بالآية ــ والأمرُ بالنّظر فيها إنّما توجّه إلى الأمر بنظر العين ــ استدرك كلامه وقال: اللّحظ الذي نشير إليه في هذا الباب ليس هو


(١) «إليه» ليست في ش، د.
(٢) ت: «إليه».
(٣) «المنازل» (ص ٨١).
(٤) ت: «أي».

<<  <  ج: ص:  >  >>