للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتَّوبةُ من التَّوبة إنّما تُعقَل على أحد هذين الوجهين.

نعم، هاهنا وجهٌ ثالثٌ لطيفٌ جدًّا، وهو أنَّ من حصل له مقامُ أنسٍ بالله، وصفا وقتُه مع الله، بحيث يكون إقبالُه على الله واشتغالُه بذكر آلائه وأسمائه وصفاته أنفعَ شيءٍ له، حتّى نزل عن هذه الحالة، واشتغل (١) بالتّوبة من جنايةٍ سالفةٍ قد تاب منها، وطالَعَ الجنايةَ واشتغل بها عن الله تعالى= فهذا نقصٌ ينبغي له أن يتوب إلى الله منه، وهو توبةٌ من هذه التَّوبة، لأنَّه نزولٌ من الصَّفاء إلى الجفاء (٢). والله أعلم.

فصل

قال صاحب "المنازل" (٣): (ولطائف أسرار التّوبة ثلاثة أشياء: أوّلها: أن تنظر إلى الجناية والقضيّة (٤)، فتعرف مرادَ الله تعالى فيها، إذ خلَّاك وإتيانَها، فإنّ اللهَ عزَّ وجلَّ إنَّما يخلِّي العبدَ والذّنبَ لأحد (٥) معنيين: أحدهما: أن يعرف عزَّتَه في قضائه، وبرَّه في ستره، وحلمَه في إمهال راكبه، وكرمَه في قبول العذر منه، وفضلَه في مغفرته. الثّاني: أن يقيم على عبده حجّةَ عدله، فيعاقبَه على ذنبه بحجَّته).


(١) ما عدا ج، ع: "اشتغل" دون الواو قبلها، وكتب بعضهم واوًا صغيرة في ل أيضًا.
(٢) وهذا تفسير التلمساني في "شرحه" (١/ ٦٥). وعليه اقتصر القاساني في "شرحه" ولكن ذكر في "لطائف الإعلام" (١/ ٢٨٨ - ٢٩١) وجوهًا أخرى.
(٣) "منازل السائرين" (ص ١٠)، واللفظ هنا موافق لما جاء في "شرح التلمساني" (١/ ٦٦).
(٤) ما عدا ج، م: "والمعصية"، تحريف.
(٥) ع: "لأجل".

<<  <  ج: ص:  >  >>