للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زهدُك في الدُّنيا فتعجَّلتَ (١) به الرَّاحةَ. وأمّا انقطاعُك إليَّ فقد اكتسبتَ به العزَّ، ولكن ما عملتَ فيما لي عليك؟ قال: يا ربِّ، وما لك عليَّ بعد هذا؟ قال: هل واليتَ فيَّ وليًّا، أو عاديتَ فيَّ عدوًّا؟ " (٢).

يعني أنَّ الرّاحةَ والعزَّ حظُّك، وقد نلتَهما بالزُّهد والعبادة، ولكن أين القيامُ بحقِّي، وهو الموالاة فيَّ والمعاداة فيّ (٣)؟

فالشّأنُ في التَّفريق في الأوامر بين حظِّك وحقِّ ربِّك علمًا وحالًا. وكثيرٌ من الصّادقين يلتبس عليهم حالُ نفوسهم في ذلك، ولا يميِّزه إلّا أولو البصائر (٤) منهم، وهم في الصَّادقين كالصَّادقين في النّاس!

وأمّا نسيان الجناية، فهذا موضعُ تفصيلٍ، وقد اختلف فيه أرباب الطّريق:

فمنهم: من رأى الاشتغالَ عن ذكر الذَّنب والإعراضَ عنه صفحًا بصفاءِ


(١) هكذا في ج و"حلية الأولياء" و"التمهيد". وفي ع: "فقد تعجلت". وفي سائر النسخ: "تعجلت".
(٢) ذكره المؤلف في "أعلام الموقعين" (٢/ ٥١١) أيضًا. وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١٠/ ٣١٦)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٤/ ٣٣٢)، وابن عبد البر في "التمهيد" (١٧/ ٤٣٢، ٤٣٤) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا، وفي إسناده حميد الأعرج وهو ضعيف، وابن أبي الورد وهو مجهول. وانظر: "الضعيفة" (٣٣٣٧). وأخرجه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (٩٦٢، ٣٠٤٤) عن الفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك.
(٣) "فيَّ" من ع.
(٤) ج: "أهل البصائر".

<<  <  ج: ص:  >  >>