للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس عشر: أنّه سبحانه قرَّر صحَّة ما رآه وأنَّ مماراتهم له على ذلك باطلةٌ بقوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: ١٨]، ولو كان المرئيُّ هو الربُّ تعالى، والمماراة على ذلك منهم= لكان تقرير تلك الرُّؤية أولى، والمقامُ إليها أحوج، والله أعلم.

قوله: (أيأس العقول بقوله: {أَوْ أَدْنَى})، يعني: أنَّ العقول لا تقدر تثبت على معرفة اتِّصالٍ هو أدنى مِن قابِ قوسين. وهذا بناءً على ما فهمه من الآية، وإلَّا فالعقول غير آيسةٍ من دنوِّ رسوله الملكيِّ من رسوله البشريِّ، حتّى صار في القرب منه قاب قوسين أو أدنى من قوسين، فإنَّه دنوُّ عبدٍ من عبدٍ، ومخلوقٍ من مخلوقٍ.

يبقى أن يقال: فما فائدة ذكر {أَوْ}؟

فيقال: هي لتقرير المذكور قبلها، وأنَّ القرب إن لم ينقص عن قدر قوسين لم يزد عليهما. وهذا كقوله: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: ١٤٧]، والمعنى: أنَّهم إن لم يزيدوا على المائة الألف لم ينقصوا عنها، فهو تقريرٌ لنصِّيَّة عدد المائة الألف، فتأمَّلْه.

قال (١): (والاتِّصال ثلاث درجاتٍ، الدرجة الأولى: اتِّصال (٢) الاعتصام، ثمَّ اتِّصال الشُّهود، ثمَّ اتِّصال الوجود. فاتِّصال الاعتصام: تصحيح القصد، ثمَّ تصفية الإرادة، ثمَّ تحقيق الحال).

أمَّا القسمان الأوَّلان ــ وهما: اتِّصال الاعتصام واتِّصال الشُّهود ــ فلا


(١) «المنازل» (ص ٩٩).
(٢) سقط من ش، د، ثم استدرك في الثاني لحقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>