للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طائفةٌ: لا يسلَّم لصاحبه، لما فيه من التكلُّف وإظهار ما ليس عنده، وقومٌ قالوا: يسلَّم للصادق الذي ترصَّد لوجدان المعاني الصحيحة، كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ابكُوا، فإن لم تبكُوا فتباكَوْا» (١).

والتحقيق: أنّ صاحب التواجد إن تكلَّفه لحظٍّ وشهوة نفسٍ لم يُسلَّم له، وإن تكلَّفه لاستجلاب حالٍ أو مقامٍ مع الله سُلِّم له، وهذا يُعرَف من حالِ المتواجد وشواهدِ صدقه وإخلاصه.

فصل

وقد تكلّم في «الوجود» الفلاسفة والمتكلِّمون والاتِّحاديّة بما هو أبعد شيءٍ عن الصواب: هل وجود الشّيء عين ماهيَّته أو غير ماهيَّته؟ أو وجود القديم نفسُ ماهيَّته ووجودُ الحادث زائدٌ على ماهيَّته؟

وكلُّ هذه الأقوال خطأٌ، وأصحابها كخابطِ عَشْواء.

والتحقيق: أنّ الوجود والماهيّة إن أُخِذا ذهنيَّينِ فالوجود الذِّهنيُّ عين الماهيّة الذِّهنيّة، وكذلك إن أُخِذا خارجيّين اتَّحدا أيضًا، فليس في الخارج وجودٌ زائدٌ على الماهيّة الخارجة، بحيث يكون كالثوب المشتمل على البدن، هذا خيالٌ محضٌ. وكذلك حصول الماهيّة في الذِّهن هو عين وجودها، فليس في الذِّهن ماهيّةٌ ووجودٌ متغايرينِ (٢)، بل إن أُخِذ أحدهما ذهنيًّا والآخر خارجيًّا، فأحدهما غير الآخر.


(١) رواه ابن ماجه (٤١٩٦) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -. وفي إسناده أبو رافع إسماعيل بن رافع ضعيف متروك.
(٢) كذا في النسخ بالياء والنون, والسياق يقتضي كونه مرفوعًا بالألف والنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>