للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون البغيُ والعدوانُ في حقِّهم كالإثم والعدوان (١) في حدود الله.

فهاهنا أربعة أمورٍ: حقٌّ لله وله حدٌّ. وحقٌّ لعباده وله حدٌّ. فالبغيُ والعدوانُ والظُّلم: تجاوزُ الحدَّين إلى ما وراءهما، أو التَّقصيرُ عنهما، فلا يصل إليهما.

فصل

وأمّا الفحشاء والمنكر، فالفحشاء: صفةٌ لموصوفٍ قد حُذِف تجريدًا لقصد الصِّفة، وهي الفَعْلَة الفحشاء والخَصْلة الفحشاء. وهي ما ظهر قبحُها لكلِّ أحدٍ واستفحَشَه كلُّ ذي عقلٍ سليمٍ. ولهذا فُسِّر بالزِّنى واللِّواط، وسمَّاه الله فاحشةً لتناهي قبحه. وكذلك القبيحُ من القول يسمّى فحشًا، وهو ما ظهر قبحُه جدًّا من السَّبِّ القبيح والقذف ونحوه.

وأمّا المنكر، فصفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ أيضًا، أي الفعل المنكر، وهو الذي تنكره العقول والفِطَر. ونسبتُه إليها كنسبة الرَّائحة القبيحة إلى حاسَّة الشَّمِّ، والمنظرِ القبيحِ إلى العين، والطَّعمِ المستكرهِ إلى الذَّوق، والصَّوتِ المنكرِ إلى الأذن.

فما اشتدَّ إنكارُ العقول والفِطَر له فهو فاحشةٌ، كما فحشَ (٢) إنكارُ الحواسِّ له من هذه المدركات. فالمنكَر لها: ما لم تعرفه ولم تألفه. والقبيحُ المستكَره لها الذي تشتدُّ نفرتُها عنه هو الفاحشة.


(١) "في حقِّهم كالإثم والعدوان" من ع وحدها. وهو ساقط من غيرها لانتقال النظر، وغريبٌ عدمُ التنبه عليه في الأصل المقروء على المؤلف.
(٢) ما عدا ع: "فحشت".

<<  <  ج: ص:  >  >>