للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمرات العلوم والعقائد. فاليقين يُثمِر الجهاد ومقاماتِ الإحسان، فعلى حسب قوّته تكون ثمرته ونتيجته. والرّيب والشّكُّ يُثمِر الأعمال المناسبة له. وبالله التّوفيق.

وقوله: (ولا يقطعه أملٌ)، أي من علامات الذّوق: أن لا يقطع صاحبه عن طلبه أملُ دنيا، وطمعٌ في عَرَضٍ من أعراضها، فإنّ الأمل والطّمع يقطعان طريقَ القلب في سيره إلى مطلبه.

ولم يقل الشّيخ: إنّه لا يكون (١) له أملٌ، بل قال: لا يقطعه أملٌ. فإنّ الأمل إذا قام به ولم يقطعه لم يضرَّه، وإن عوَّقَ سيرَه بعضَ التّعويق. وإنّما البلاء في الأمل القاطع للقلب عن سيره إلى الله.

وعند الطّائفة: أنّ كلّ ما سوى الله فإرادتُه أملٌ قاطعٌ، كائنًا ما كان. فمن كان ذلك أملَه ومنتهى طلبِه فليس من أهل ذوق الإيمان، فإنّه من ذاق حلاوة معرفة الله والقرب منه والأنس به لم يكن له أملٌ في غيره، وإنْ تعلّق أملُه بسواه فهو لإعانته على مرضاته ومحابِّه، فهو يُؤمِّله لأجله، لا يُؤمِّله معه.

فإن قلت: فما الذي يقطع به هذا الأمل؟

قلت: قوّة رغبته في المطلب الأعلى الذي ليس شيءٌ أعلى منه، ومعرفتُه بخِسَّةِ ما يُؤمّل دونه، وسرعةِ ذهابه ووَشكِ انقطاعه، وأنّه في الحقيقة كخيال طَيفٍ، أو سحابة صَيفٍ، فهو ظلٌّ زائلٌ، ونجمٌ قد تدلّى للغروب فهو (٢) عن قريبٍ آفِلٌ.


(١) ت: «لم يكن».
(٢) «فهو» ليست في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>