للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

ومنها: منزلة الذّوق.

الذَّوق: مباشرةُ الحاسّةِ الظّاهرة أو الباطنة للملائم أو المنافر، ولا يختصُّ ذلك بحاسّة الفم في لغة القرآن، بل ولا في لغة العرب. قال تعالى: {وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ} [الأنفال: ٥٠]. وقال: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: ١٠٦]. وقال تعالى: {(٥٦) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ} [ص: ٥٧]. وقال: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢].

فتأمّلْ كيف جمعَ بين الذّوق واللِّباس، ليدلَّ على مباشرة المَذُوق وإحاطته وشموله، فأفاد الإخبارُ عن إذاقته أنّه واقعٌ مباشرٌ غير منتظرٍ، فإنّ المَخُوف قد يُتوقَّع ولا يُباشِر، وأفاد الإخبارُ عن لباسه أنّه محيطٌ شاملٌ كاللِّباس للبدن.

وفي «الصّحيح» (١) عنه - صلى الله عليه وسلم -: «ذاقَ طعْمَ الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمّدٍ رسولًا». فأخبر أنّ للإيمان طعمًا، وأنّ القلب يذوقه كما يذوق الفم طعْمَ الطّعام والشّراب.

وقد عبّر النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن إدراك حقيقة الإيمان والإحسان، وحصوله للقلب ومباشرته له: بالذّوق تارةً، وبالطّعام والشّراب تارةً، وبوَجْد (٢)


(١) رواه مسلم (٣٤) من حديث العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -.
(٢) ت: «وبوجود».

<<  <  ج: ص:  >  >>