للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (الدرجة الثالثة: الفناء عن شهود الفناء، وهو الفناء حقًّا، شائمًا برقَ العين، راكبًا بحر الجمع، سالكًا سبيل البقاء).

الفرق بين الفناء في هذه الدرجة والتي قبلها أنَّه في التي قبلها قد فني عن شهود طلبه وعلمه وعيانه، مع شعوره بفنائه عن ذلك، وفي هذه الدرجة قد فني عن ذلك كلِّه، وفني عن شهود فنائه، كما يقال: آخر من يموت ملَكُ الموت (٢).

وإنَّما كان هذا الفناءُ عنده هو الفناءَ حقًّا لأنَّه قد فني فيه كلُّ ما سوى الحقِّ سبحانه، لأنَّ صاحبه الذي (٣) يشهد الفناء قد فني، فلم يبق سوى الواحد القهَّار.

وقوله: (شائمًا برق العين)، الشائم: الناظر من بعدٍ، وبرق العين: نور الحقيقة، وقد تقدَّم التنبيه على استحالة تعلُّق هذا بالنُّور الخارجيِّ، وإنَّما هو أنوار القرب والمراقبة والحضور مع الله.

وقوله: (راكبًا بحر الجمع)، الجمع الذي يشيرون إليه عبارةٌ عن


(١) «المنازل» (ص ١٠٤).
(٢) روي ذلك في حديث أبي هريرة الطويل عند ابن راهويه في «مسنده» (١٠) والطبري في «تفسيره» (٢٠/ ٢٥٦ - ٢٥٧) والطبراني في «الطوال» (٣٦) وغيرهما بإسناد ضعيف. وانظر: «الضعفاء» للعقيلي (٥/ ٤١٤) و «تفسير ابن كثير» (الأنعام: ٧٣) و «أنيس الساري» (١١٧١).
(٣) «الذي» ساقط من ت، ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>