للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وهل تصحُّ التّوبة من ذنبٍ مع الإصرار على غيره؟

فيه قولان لأهل العلم، وهما روايتان عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - (١)،

ولم يطَّلع على الخلاف مَن حكى الإجماعَ على صحّتها كالنَّواويِّ (٢) وغيره.

والمسألة مشكلةٌ، ولها غورٌ، ويحتاج الجزمُ بأحد القولين إلى دليلٍ يحصل به الجزم.


(١) وردت هنا حاشية في ش منقولة من أصلها: "المحققون من أصحاب الإمام أحمد على أنه لا خلاف عنه في هذه المسألة، وهي طريقة جماعة من متقدميهم كابن شاقلا وغيره. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، وقد بسط الكلام عليها في شرح دعوة ذي النون عليه الصلاة والسلام، وبيَّن أن القول الآخر هو قول الخوارج والمعتزلة المكفِّرين بالذنبِ المخلِّدين به في النار [وأنكر صحةَ] ذلك عن أحمد إنكارًا شديدًا وقال: هو قولٌ مبتدَع لم يعرف عن أحد من السلف".

وفي "مختصر الفتاوى المصرية" (ص ١٣٧) أن القاضي وابن عقيل حكيا القول بعدم صحتها عن أحمد، والمعروف هو الأول. ثم ذكر رواية المرُّوذي التي بني عليها هذا القول وفسَّر مراد الإمام أحمد. وانظر نحوه في "مجموع الفتاوى" (١٠/ ٣٢٠) و (١٥/ ٣٧٤) وحكى ابن أبي يعلى الروايتين في "التمام" (٢/ ٣١٩) وذكر أن رواية صحة التوبة اختارها والده وشيخ والده. والأخرى اختارها أبو بكر عبد العزيز وابن شاقلا، وصرَّح ابن عقيل في "الإرشاد" ــ كما في "الآداب الشرعية" (١/ ٥٦) ــ بأنها اختياره وأنها قول جمهور المتكلمين. وانظر: "المعتمد" لأبي يعلى (ص ٢٠٣).
(٢) الذي في "شرحه لصحيح مسلم" (١٧/ ٥٩ - ٦٠) أنَّ صحَّتها مذهب أهل السنة خلافًا للمعتزلة. وفي "رياض الصالحين" (ص ٣٤) أنها تصح عند أهل الحق من ذلك الذنب ويبقى الباقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>