للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزاهدين وأقعد معهم؟ فقال: إذا صرتَ من رياضتك لنفسك إلى حدٍّ لو قطع الله الرِّزق عنك ثلاثة أيام لم تَضعُف نفسُك، فأمَّا ما لم تبلغ إلى هذه الدرجة فجلوسك على بساط الزاهدين جهلٌ، ثمَّ لا آمَنُ (١) أن تفتضح (٢).

وقد قال الإمام أحمد بن حنبلٍ - رحمه الله -: الزُّهد على ثلاثة أوجهٍ: ترك الحرام، وهو زهد العوامِّ. والثاني: ترك الفضول من الحلال، وهو زهد الخواصِّ. والثالث: ترك ما يَشْغَل عن الله، وهو زهد العارفين (٣).

وهذا الكلام من الإمام أحمد يأتي على جميع ما تقدَّم من كلام المشايخ - رضي الله عنهم -، مع زيادة تفصيله وتبيين درجاته. وهو من أجمع الكلام، وهو يدلُّ على أنَّه - رضي الله عنه - من هذا العلم بالمحلِّ الأعلى. وقد شهد له الشافعيُّ - رحمه الله - بإمامته في ثمانية أشياءَ أحدها الزُّهد (٤).

والذي أجمع عليه العارفون أن الزُّهد سفر القلب من وطن الدُّنيا وأَخْذُه في منازل الآخرة. وعلى هذا صنَّف المتقدِّمون كتب الزُّهد. كـ «الزُّهد» لعبد الله بن المبارك، وللإمام أحمد، ولوكيع، ولهنَّاد بن السَّرِيِّ، ولغيرهم.


(١) في ع زيادة: «عليك».
(٢) ذكره القشيري (ص ٣٣٨).
(٣) ذكره القشيري (ص ٣٣٨).
(٤) ذكر ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (١/ ١٠) عن الربيع بن سليمان قال: قال لنا الشافعي: أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>