للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باستغراقه في الفناء وشهودِ القيُّوميّة عن شهودها، وهو ناقصٌ. وقد جعل الله لكلِّ شيءٍ قدرًا.

فصل

ونذكر نُبَذًا تتعلَّق بأحكام التَّوبة، تشتدُّ الحاجةُ إليها، ولا يليق بالعبد جهلُها.

منها: المبادرةُ إلى التَّوبة من الذَّنب فرضٌ على الفور، لا يجوز تأخيرها، فمتى أخَّرها عصى بالتَّأخير. فإذا تاب من الذَّنب بقي عليه توبةٌ أخرى، وهي توبتُه من تأخير التَّوبة. وقلَّ أن يخطر هذا ببال التَّائب، بل عنده: إذا تاب من الذَّنب لم يبق عليه شيءٌ آخر، وقد بقي عليه التَّوبةُ من تأخير التّوبة.

ولا ينجي من هذا إلّا توبةٌ عامّةٌ ممَّا يعلم من ذنوبه وممَّا لا يعلم، فإنَّ ما لا يعلمه العبدُ من ذنوبه أكثَرُ ممَّا يعلمه. ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهلُه إذا كان متمكِّنًا من العلم، فإنَّه عاصٍ بترك العلم والعمل، فالمعصيةُ في حقِّه أشدُّ.

وفي "صحيح ابن حِبَّان" (١) أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشِّرك في هذه الأمَّة


(١) وكذا في "الداء والدواء" (ص ٣٠٢)، و"مجموع الفتاوى" (٧/ ٥٢٤). وإنما أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٤٨٣) وابن عدي في "الكامل" (١٠/ ٦٢٢) من حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، أخرجاه في ترجمة يحيى بن كثير أبي النضر، وهو علته إذ ليس ممن يحتج به. وله طريق آخر أحسن منه عند البخاري في "الأدب المفرد" (٧١٦) وأبي يعلى (٥٨ - ٦١)، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، فيه لين وقد اضطرب، وشيخه مجهول.
وله شواهد من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - عند أحمد (١٩٦٠٦)، وأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عند البزار (٣٥٦٦ - كشف الأستار) والعقيلي (٣/ ٥٤٠)، ومجاهد مرسلًا عند هنَّاد في "الزهد" (٨٤٩)، وابن مسعود - رضي الله عنه - موقوفًا عند وكيع في "الزهد" (٣٠٤)، وكلها لا تخلو من مقال. والحديث صححه الألباني في "الأدب المفرد".

<<  <  ج: ص:  >  >>