للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود: أنَّ أصحاب هذا المشهد ليس لهم شهودٌ سوى ميل نفوسهم وشهوتهم، لا يعرفون ما وراء ذلك البتَّة.

فصل

المشهد الثَّاني: مشهد رسوم الطَّبيعة ولوازم الخلقة، كمشهد زنادقة الفلاسفة والأطبَّاء الذين يشهدون أنَّ ذلك من لوازم الخلقة والطبيعة الإنسانيَّة، وأنّ تركيب الإنسان من الطَّبائع الأربع وامتزاجها واختلاطها كما يقتضي بغيَ بعضها على بعضٍ وخروجَه (١) عن الاعتدال بحسب اختلاف هذه الأخلاط، فكذلك تركيبُه من البدن والنَّفس والطَّبيعة الحيوانيّة (٢) يتقاضاه (٣) أثَرَ هذه الخلقةِ ورسومَ تلك الطَّبيعة، ولا تنقهر له إلّا بقاهرٍ، إمَّا من نفسه وإمَّا من خارجٍ عنه، وأكثر النَّوع الإنساني ليس له قاهرٌ من نفسه، فاحتياجه إلى قاهرٍ فوقه يُدخله تحت سياسةٍ وإيالةٍ (٤) ينتظم بها أمرُه ضروريَّةٌ (٥)، كحاجته إلى مصالحه من الطَّعام والشَّراب واللِّباس.

وعند هؤلاء أنَّ العاقل متى كان له وازعٌ من نفسه قاهرٌ لم يحتَجْ إلى أمر غيره ونهيه وضبطه.


(١) ج، ن: «خروجها».
(٢) «الحيوانية» ساقط من ج، ن، ع.
(٣) أي: يتقاضى الإنسانَ، أي: يقتضي منه.
(٤) الإيالة: السياسة والرعاية، تقول: آلَ الملِك رعيَّتَه يؤولهم إيالًا وإيالةً، إذا ساسهم وأحسن رعايتهم.
(٥) خبر «فاحتياجه»، ولعله أنَّثه على توهُّم أن المبتدأ: «فحاجته».

<<  <  ج: ص:  >  >>