للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا تعطيل القلب منها: فبالسّلامة من آفات طلبها وتركها. فإنّ لطلبها آفات، ولتركها آفات، والفقر سلامة القلب من آفات الطّلب والتّرك، بحيث لا تَحجُبه عن ربِّه بوجهٍ من الوجوه الظّاهرة والباطنة، لا في طلبها وأخذها، ولا في تركها والرّغبة عنها.

فإن قلت: عرفتُ الآفة في أخذها وطلبها، فما وجه الآفة في تركها والرّغبة عنها؟

قلت: من وجوهٍ شتّى:

أحدها: أنّه إذا تركها ــ وهو بشرٌ لا ملكٌ (١) ــ تعلّق قلبه بما يُقِيمه ويُقِيتُه (٢) ويُعِيشه وما (٣) هو محتاجٌ إليه، فيبقى في مجاهدةٍ شديدةٍ مع نفسه لتركِ معلومها وحظِّها من الدُّنيا. وهذه قلّة فقهٍ في الطّريق، بل الفقيه العارف يردُّها عنه (٤) بلقمةٍ، كما يردُّ الكلبَ إذا نبحَ عليه بكسرةٍ، ولا يقطع زمانَه بمجاهدته ومدافعته، بل أعطاها (٥) حظَّها، وطالبَها بما عليها من الحقِّ.

هذه طريقة الرُّسل (٦) صلّى الله عليهم وسلّم، وهي طريقة العارفين من أرباب السُّلوك، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ لنفسِك عليك حقًّا، ولزوجِك عليك


(١) ل: «ملك له».
(٢) ل: «يعينه».
(٣) الواو ساقطة من ش، د.
(٤) ل: «عنها».
(٥) ش، د: «أعطها».
(٦) ل: «رسول الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>