للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقًّا، ولضيفك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه» (١).

والعارف البصير يجعل عوضَ مجاهدتِه لنفسه في ترك شهوةٍ مباحةٍ: مجاهدتَه لأعداء الله من شياطين الإنس والجنِّ، وقُطّاعِ الطّريق على القلوب، كأهل البدع من بني العلم وبني (٢) الإرادة، ويستفرغ قواه في حربهم ومجاهدتهم، ويتقوّى على حربهم بإعطاء النّفس حقَّها من المباح، ولا يشتغل بها.

ومن آفات التّرك: تطلُّعه إلى ما في أيدي النّاس إذا مسّته (٣) الحاجة إلى ما تركه، فاستدامتُها كان أنفعَ له من هذا التّرك.

ومن آفات تركِها وعدمِ أخذها: ما يداخله من الكبر والعُجْب والزّهو. وهذا يقابل الزُّهدَ فيها وترْكَها، كما أنّ كَسْرة (٤) الأخذ وذلّته (٥) وتواضعه يقابل الأخذ، ففي الأخذ آفاتٌ، وفي التّرك آفاتٌ.

فالفقر الصّحيح: السّلامة من آفات الأخذ والتّرك، وهذا لا يحصل إلّا بفقهٍ في الفقر.

قوله: (فهذا هو الفقر الذي تكلّموا في شرفه). يعني تكلّم فيه أرباب السُّلوك وفضّلوه ومدحوه.


(١) أخرجه البخاري (١٩٦٨، ٦١٣٩) من حديث سلمان الفارسي وأبي الدرداء - رضي الله عنهما -.
(٢) ل: «ولفي»، وهو خطأ. فالمقصود هنا: أصحاب العلم وأصحاب الإرادة.
(٣) ش، د: «مسه».
(٤) ل: «كثرة». والكسرة: بمعنى الانكسار.
(٥) ل: «وذله به».

<<  <  ج: ص:  >  >>