للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن النّاس من يراه غايةً لا شيء فوقه.

ومنهم من يراه توسُّطًا، وفوقَه ما هو أجلُّ منه وأرفع، وهو حالة البقاء.

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّانية: الاستغراقُ في لوائح المشاهدة، واستنارةُ ضياءِ الطّريق، واستجماعُ قوى الاستقامة).

هذه ثلاثة أشياء:

أحدها: فقدان الإحساس بغير (٢) شهودِه، لاستغراقه في مشاهدته.

الثّاني: استنارة ضياء الطّريق، يعني ظهور الجادّة له ووضوحها، واتِّصالها بمطلوبه. وهذا كمن هو سائرٌ إلى مدينةٍ، فإذا شارفها ورآها رأى الطّريقَ حينئذٍ واضحةً إليها، واستنار له ضياؤها واتِّصالها بالمدينة، وكان قبل مشاهدة المدينة على علمٍ أو ظنٍّ يجوز معه أن يضيع عن باب المدينة، وأمّا الآن فقد أمِنَ من (٣) أن يضيع عن الباب. وكذلك هذا السّالك: قد انقطعت عنه الموانع، واستبان له الطّريق، وأيقنَ بالوصول، وصارت حالُه حالَ معاينِ باب المدينة من حينِ يقع بصره عليه، وكحال معاينِ الشّفق الأحمر قربَ طلوع الشّمس، حيث يتيقَّن أنّ الشّمس بعده.

قوله: (واستجماع قوى الاستقامة)، يعني: يستجمع له قوى الظّاهر والباطن على قصد الوصول والعزم عليه، لمشاهدته ما هو سائرٌ إليه. وهكذا


(١) «المنازل» (ص ٥١).
(٢) ش، د: «يعني»، تحريف.
(٣) «من» ليست في ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>