للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشهادةُ الرَّبِّ تعالى تُكذِّب هؤلاء أشدَّ التَّكذيب، وتتضمَّن أنَّ الذي شهِدَ به بيَّنه (١) وأوضَحه وأظهَره حتّى جعله في أعلى مراتب الظُّهور والبيان، وأنّه لو كان الحقُّ ما تقوله المعطِّلة والجهميّة لم يكن العباد قد انتفعوا بما شهد به سبحانه، فإنّ الحقّ الذي في نفس الأمر عندهم لم يشهد به لنفسه، والّذي شهد به لنفسه وأظهره وأوضحه فليس بحقٍّ، ولا يجوز أن يستفاد منه الحقُّ واليقين!

وأمّا آياته العيانيّة الخلقيّة، فالنَّظرُ فيها والاستدلال بها يدلُّ على ما تدلُّ عليه آياته القوليّة السّمعيّة. وآياتُ الرّبِّ: هي دلالاته (٢) وبراهينه التي بها يعرفه (٣) العباد ويعرفون أسماءه وصفاته وتوحيده وأمره ونهيه. فالرُّسلُ تخبر عنه بكلامه الذي تكلَّم به وهو آياتُه القوليّة، ويستدلُّون على ذلك بمفعولاته التي تشهد على صحّة ذلك وهي آياته العيانيّة، والعقل يجمع بين هذه وهذه، فيجزم بصحَّة ما جاءت به الرُّسل، فتتّفق شهادةُ السّمع والبصر والعقل والفطرة. وهو سبحانه ــ لكمال (٤) عدله ورحمته، وإحسانه وحكمته، ومحبّته للعذر، وإقامته للحجّة ــ لم يبعث نبيًّا من الأنبياء إلّا ومعه آيةٌ تدلُّ على صدقه فيما أخبر به.

قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ


(١) ما عدا ر: «نبيّه»، وفي ت بعده: «صلى الله عليه وسلم»، واستظهر بعضهم في حاشية ش أن يكون الصواب كما أثبت من ر.
(٢) ر: «دلائله».
(٣) ت: «يعرف».
(٤) ت: «بكمال».

<<  <  ج: ص:  >  >>