للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): (الدرجة الثانية: تهذيب الحال، وهو أن لا يجنح الحال (٢) إلى علمٍ، ولا يخضع لرسمٍ، ولا يلتفت إلى حظٍّ).

أمّا جنوح الحال إلى العلم، فهو نوعان: ممدوح ومذموم.

فالممدوح: التفاته إليه، وإصغاؤه إلى ما يأمر به، وتحكيمه عليه. فمتى لم يجنح إليه (٣) هذا الجنوحَ كان حالًا مذمومًا ناقصًا مُبعدًا عن الله تعالى، فإنَّ كلَّ حالٍ لا يصحبه علمٌ يُخاف عليه أن يكون من خُدَع الشيطان. وهذا القدر هو الذي أفسد على أرباب الأحوال أحوالهم (٤)، وشرَّدهم عن الله كلَّ مشرَّدٍ، وطردهم عنه كلَّ مطردٍ، حيث لم يحكِّموا عليه العلم، وأعرضوا عنه صفحًا، حتى قادهم إلى الانسلاخ من حقائق الإيمان وشرائع الإسلام.

وهم الذين قال فيهم سيِّد الطّائفة الجنيد بن محمَّد - رحمه الله - لمَّا قيل له: أهل المعرفة يصلون إلى ترك الحركات من باب البرِّ والتقرُّب إلى الله تعالى، فقال الجنيد - رحمه الله -: هذا كلام قومٍ تكلَّموا بإسقاط الأعمال (٥)، وهو عندي عظيمةٌ. والذي يسرق ويزني أحسن حالًا من الذي يقول هذا، فإنَّ العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإليه رجعوا فيها، ولو بقيتُ ألف عامٍ لم أنقص


(١) «المنازل» (ص ٣٢).
(٢) «وهو أن لا يجنح الحال» ساقط من الأصل ول لانتقال النظر. ثم استُدرك بعضُه في هامشهما مصدَّرًا بـ «لعله».
(٣) في الأصل وغيره: «إلى»، والمثبت من ع هو الصواب.
(٤) زيد في ع: «وعلى أهل الثغور ثغورهم»، زيادة مقحمة لا تناسب السياق البتة.
(٥) في ع زيادة: «عن الجوارح»، زيادة مقحمة لا توجد في مصدر المؤلف ولا غيره من مصادر التخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>