وقوله:(لأهل الهِمَم العالية)، فهي التي لا تقف دون الله عزّ وجلّ، ولا تُعرِّج في سفرها على شيءٍ سواه. وأعلى الهمم: ما تعلّق بالعليِّ الأعلى. وأوسعها: ما تعلّق بصلاح العباد. وهي هِمَمُ الرُّسل وورثتهم.
وقوله:(في الأحايين الخالية).
يريد بها: ساعات الصّفاء مع الله تعالى، وأوقات النّفحات الإلهيّة، التي من تعرَّضَ لها يوشك أن لا يُحْرَمها، ومن أعرضَ عنها فهي عنه أشدُّ إعراضًا.
وقوله:(في الأسماع الصّاحية).
وهي التي صَحَتْ من تعلُّقها بالباطل واللّغو، وأصاخَتْ لدعوة الحقِّ ومنادي الإيمان. فإنّ الباطل واللّغو خمر الأسماع والعقول، فصَحْوُها بتجنُّبِه والإصغاء إلى دعوة الحقِّ.
قوله:(وهو علمٌ يُظهِر الغائب)، أي يكشف ما كان غائبًا عن العارف.
قوله:(ويُغيِّب الشّاهد)، أي يُغيِّبه عن شهود ما سوى مشهوده الحقِّ.
(ويشير إلى الجمع)، وهو مقام الفردانيّة، واضمحلال الرُّسوم حتّى رَسْم الشّاهد نفسه.
فصل
قال (١): (الدّرجة الثّالثة: علمٌ لَدُنِّيٌ. إسناده وجوده، وإدراكه عيانُه، ونعتُه حكُمه. ليس بينه وبين الغيب حجابٌ).