للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرير مملكته الذي هو عرشه المجيد.

فمتى قام بالقلب (١) تعظيمُ الحقِّ جلَّ جلاله، وحسنُ النظر في الشواهد، والتبصُّرُ والاعتبارُ بها= صارت الصِّفات والنُّعوت مشهودةً لقلبه قبلةً له.

قوله: (وهي معرفة العامَّة التي لا تنعقد شرائط اليقين إلَّا بها)، لا يريد بالعامَّة الجهَّال الذين هم عوامُّ الناس، وإنَّما يريد: أنَّ هذه هي المعرفة التي وقف عندها العموم ولم يتعدَّوها، وأمَّا معرفة أهل الذَّوق والمحبَّة الخاصَّة فأخصُّ من هذه كما سيأتي.

قوله: (وهي على ثلاثة أركانٍ: إثبات الصِّفة باسمها من غير تشبيهٍ ... ) إلى آخره. تضمَّن هذا ثلاثة أشياء.

أحدها: إثبات تلك الصِّفة؛ فلا يقابلها (٢) بالنفي والإنكار.

الثاني: أنَّه لا يتعدَّى بها اسمَها الخاصَّ الذي سمَّاها الله به، بل يحترم الاسم كما يحترم الصِّفة، فلا يعطِّل الصِّفة، ولا يغيِّر اسمها ويُعيرها اسمًا آخر، كما تسمِّي الجهميَّة والمعطِّلة سمعه وبصره وقدرته وحياته وكلامه: أعراضًا، ويسمُّون وجهه ويديه وقدمه ــ سبحانه ــ: جوارح وأبعاضًا، ويسمُّون حكمته وغايةَ فعلِه المطلوبةَ به: عِلَلًا وأغراضًا، ويسمُّون أفعاله القائمة به: حوادث، ويسمُّون علوَّه على خلقه واستواءهَ على عرشه: تحيُّزًا، ويتوصلون بهذا المكر الكُبَّار إلى نفي ما دلَّ عليه الوحي والعقل والفطرة وآثارُ الصَّنعة من صفاته، فيسطون بهذه الأسماء التي سمَّوها هم وآباؤهم


(١) ر: «بالعبد».
(٢) ر: «يعاملها»، تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>