للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال صاحب «المنازل» (١): (باب الحياة. قال الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: ١٢٢]).

استشهاده بهذه الآية في هذا الباب ظاهرٌ جدًّا، فإنّ المراد (٢) بها: من كان ميِّتَ القلب بعدمِ روحِ العلم والهدى والإيمان، فأحياه الرّبُّ تعالى بروحٍ أخرى غير الرُّوح التي أحيا بها بدنه (٣)، وهي روحُ معرفته وتوحيده ومحبّته وعبادته وحدَه لا شريك له؛ إذ لا حياة للرُّوح إلّا بذلك، وإلّا فهي في جملة الأموات، ولهذا وصفَ الله تعالى من عَدِمَ ذلك بالموت، فقال: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}، وقال: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} [النمل: ٨٠].

وسَمَّى وحيه روحًا، لِما يحصُل به من حياة القلوب والأرواح، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢]. فأخبر أنّه روحٌ (٤) تحصل به الحياة، ونورٌ تحصُل به الإضاءة. وقال تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: ٢]، وقال تعالى: {(١٤) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ


(١) (ص ٩٥).
(٢) د: «فالمراد».
(٣) ش: «بدونه».
(٤) ت: «نور»، خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>