للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّانية: الأنسُ بنور الكشف. وهو أنسٌ شاخِصٌ عن الأنس الأوّل، تَشُوبه صولةُ الهَيَمان، ويضرِبه موجُ الفناء. وهو الذي غلبَ قومًا على عقولهم، وسلبَ قومًا طاقةَ الاصطبار، وحلَّ عنهم قيودَ العلم. وفي هذا ورد الخبر بهذا الدُّعاء: «أسألكَ شَوقًا إلى لقائك، من غير ضَرَّاءَ مُضِرّةٍ ولا فتنةٍ مُضِلّةٍ» (٢)).

يجوز أن تكون الباء في قوله: «بنور الكشف» باء السّببيّة وباء الإلصاق. فإن كانت باء السّببيّة كان المعنى: الأنس الحاصل بسبب نور الكشف. وإن كانت باء الإلصاق كان المعنى: الأنس المتلبِّس بنور الكشف.

فإن قلت: ما الفرق بين الأنس ونور الكشف، حتّى يكون أحدهما سببًا للآخر (٣)، أو متلبِّسًا به؟

قلت: الفرق بينهما: أنّ نور الكشف من باب المعارف (٤) وانكشاف الحقيقة للقلب. وأمّا الأنس فمن باب القرب والدُّنوِّ، والسُّكون إلى من يأنس به، والطُّمأنينة إليه. فضدّه: الوحشة. وضدّ نور الكشف: ظلمة


(١) «المنازل» (ص ٥٤، ٥٥).
(٢) أخرجه أحمد (١٨٣٢٥) والنسائي (١٣٠٦) من حديث قيس بن عباد عن عمار مرفوعًا. وأخرجه النسائي (١٣٠٥)، وابن حبّان (١٩٧١)، والحاكم (١/ ٥٢٤) من حديث عطاء بن السائب عن أبيه عن عمار به. وهو حديث صحيح تقدم في منزلة الرضا (٢/ ٥٥٣).
(٣) ش، د: «لآخر».
(٤) ل: «العارف».

<<  <  ج: ص:  >  >>