للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكرامتها (١) على الله، فهذه الصُّحف ينبغي أن لا يمسَّها إلّا طاهرٌ (٢).

وسمعته يقول في قول النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخلُ الملائكة بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةٌ» (٣): إذا كانت الملائكة المخلوقون يمنعها الكلب والصُّورة عن دخول البيت، فكيف تلِجُ معرفةُ الله ومحبّته وحلاوةُ ذكره والأنسُ بقربه، في بيتٍ ممتلئٍ بكلاب الشّهوات وصورها؟ (٤) فهذا من إشارة اللّفظ الصّحيحة.

ومن هذا: أنّ طهارة الثّوب الظّاهر (٥) والبدن إذا كانت شرطًا في صحّة الصّلاة والاعتداد بها، فإذا أخلَّ بها كانت فاسدةً، فكيف إذا كان القلب نجسًا ولم يُطهِّره صاحبه؟ فكيف يُعتَدُّ له بصلاته وإن أسقطت القضاء؟ وهل طهارة الظّاهر إلّا تكميلٌ لطهارة الباطن؟

ومن هذا: أنّ استقبال القبلة في الصّلاة شرطٌ لصحّتها، وهي بيت الرّبِّ، فتوجُّه المصلِّي إليها ببدنه وقالَبه شرطٌ، فكيف تصحُّ صلاة من لم يتوجّه بقلبه إلى ربِّ القبلة والبدن؟ بل وجَّه بدنَه إلى البيت، ووجَّه قلبَه إلى غير ربِّ البيت.

وأمثال ذلك من الإشارات الصّحيحة التي لا تُنال إلّا بصفاء الباطن، وصحّةِ البصيرة، وحسن التّأمُّل.


(١) ش، د: «ولكرامتها».
(٢) ذكره المؤلف عن شيخه في «التبيان» (ص ٣٣٨). وانظر: «مجموع الفتاوى» (١٣/ ٢٤٢).
(٣) أخرجه البخاري (٣٢٢٥، ٣٣٢٢) ومسلم (٢١٠٦) من حديث أبي طلحة - رضي الله عنه -.
(٤) انظر: «مجموع الفتاوى» (٥/ ٥٥٢، ١٣/ ٢٤٢).
(٥) ل: «الطاهر».

<<  <  ج: ص:  >  >>