للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل (١)

قوله (٢): (والنّفَس الثّالث: نفَسٌ مطهّرٌ بماء القدس، قائمٌ بإشارات الأزل، وهو النّفَس الذي يسمّى بصدق (٣) النُّور).

القدس: الطّهارة، والتّقديس: التّطهير والتّنزيه، ومراده بالقدس هاهنا: الشُّهود الذي يُفني الحادث الذي لم يكن، ويُبقي القديم الذي لم يزل. فكأنّ صفات الحدوث عندهم ممّا يُتَطهّر منها بالتّجلِّي المذكور، فالتّجلِّي يطهِّر العبدَ منها، فإنّه ما دام في الحجاب فهو باقٍ مع إنِّيّته وصفاته، فإذا أشرق عليه نور التّجلِّي طهّره من صفاته وشهودها وتوسيطها بينه وبين مشهوده الحقُّ.

وحاصل كلامه: أنّ هذا النّفَس صادرٌ عن مشاهدة الأزل الماحي للحوادث المفني لها، فهذا النّفَس مطهّرٌ بالطُّهر المقدّس عن كلِّ غيرٍ، وعن ملاحظة كلِّ مقامٍ، بل هو مستغرقٌ بنور الحقِّ، وآثار الحقِّ تنطق عليه، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ الله ضرَبَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِه» (٤)، وقال ابن


(١) من ر.
(٢) «المنازل» (ص ٨٧).
(٣) في متن «المنازل»: «صَدَف»، وفي نسخة منه كما هو مثبت.
(٤) أخرجه الترمذي (٣٦٨٢)، وأحمد (٥١٤٥) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال الترمذي: حسن صحيح غريب. وأخرجه أبو داود (٢٩٦٢)، وابن ماجه (١٠٨)، وأحمد (١٢٢٩٥،٢١٤٥٧) وغيرهم من حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه -. وإسناده صحيح، وجاء من حديث أبي هريرة ومعاوية وعائشة. ووقع في ط: «جعل الحق».

<<  <  ج: ص:  >  >>