للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو رِباطٍ ــ لم يذهب أحدٌ مذهبًا في حاجةٍ له حتّى يستأذنه، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢]. فإذا كان هذا (١) مذهبًا مقيّدًا لحاجةٍ عارضةٍ لم يُوسَّع لهم فيه إلّا بإذنه، فكيف بمذهبٍ مطلقٍ في تفاصيل الدِّين: أصوله وفروعه، دقيقه وجليله؟ هل يُشرَع الذّهاب إليه بدون استئذانه؟ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

ومن الأدب معه: أن لا يُستَشْكَل قولُه، بل تُستَشْكَل الآراء لقوله، ولا يُعارَضَ نصُّه بقياسٍ، بل تُهْدَر الأقيسةُ وتُلْغَى لنصوصه، ولا يُحرَّف كلامُه عن حقيقته لخيالٍ يُسمِّيه أصحابه معقولًا، نعم هو مجهولٌ، وعن الصّواب معزولٌ، ولا يُوقَف قبولُ ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - على موافقة أحدٍ، فكلُّ هذا من قلّةِ الأدب معه، وهو عينُ الجرأة.

فصل

وأمّا الأدب مع الخلق: فهو معاملتهم ــ على اختلاف مراتبهم ــ بما يليقُ بهم، فلكلِّ مرتبةٍ أدبٌ، وللمراتب فيها أدبٌ خاصٌّ. فمع الوالدين: أدبٌ خاصٌّ، وللأب منهما: أدبٌ هو أخصُّ به، ومع العالم: أدبٌ آخر، ومع السُّلطان: أدبٌ يليق به. وله (٢) مع الأقران أدبٌ يليق بهم، ومع الأجانب: أدبٌ غير أدبه مع أصحابه وذوي أُنْسِه، ومع الضّيف: أدبٌ غير أدبه مع أهل بيته.


(١) «هذا» ليست في ش، د.
(٢) «له» ساقطة من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>