للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومشاهدةَ شدَّةِ ضرورته وفاقته إليه توجب (١) أن لا يرى ذنبًا مُهلكًا، فإنَّ افتقاره وفاقته وضرورته إلى الله تمنعه (٢) من الهلاك بذنوبه (٣)، إذ صاحب هذا المقام لا يصرُّ على ذنوبٍ تُهلكه وهذا حاله= فهذا حقٌّ، وهو من مشاهد أهل المعرفة.

وقوله: (ولا سببًا حاملًا)، أي يشهد أنَّ الحامل له هو الحقُّ تعالى، لا الأسباب التي يقوم بها، فإنَّه وإيَّاها محمولان بالله وحده.

فصل

قال (٤): (الدرجة الثالثة: شهود انفراد الحقِّ بملك الحركة والسُّكون، والقبض والبسط، ومعرفتُه بتصريف التفرقة والجمع).

هذه الدرجة تتعلَّق بشهود وصف الله وشأنِه، والتي قبلها تتعلَّق بشهود حال العبد ووصفه. أي: يشهد حركاتِ العالم وسكونَه صادرةً عن الحقِّ تعالى في كلِّ متحرِّك وساكن، فيشهد تعلُّق الحركة باسمه الباسط وتعلُّق السُّكون باسمه القابض، فيشهد تفرُّده سبحانه بالبسط والقبض.

وأمَّا (معرفته بتصريف التفرقة والجمع)، أي يكون المُشاهِد عارفًا بمواضع التفرقة والجمع. والمراد بالتفرقة: نظر الأغيار، ونسبةُ الأفعال إلى الخلق. والمراد بالجمع: شهود الأفعال منسوبةً إلى موجدها الحقِّ.


(١) في ع زيادة: «له».
(٢) ع: « ... وضرورته تمنع».
(٣) في ع زيادة: «بل تمنعه من اقتحام الذنوب المهلكة».
(٤) «المنازل» (ص ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>