للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال صاحب «المنازل» (١): (باب المشاهدة. قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: ٣٧]).

قلت: جعل الله سبحانه كلامه ذكرى، ينتفع بها مَن جمعَ هذه الأمور الثّلاثة‍:

أحدها: أن يكون له قلبٌ حيٌّ واعٍ، فإذا فقد هذا القلب لم ينتفع بالذِّكرى.

الثاني: أن يُصغي سَمْعَه فيُميله كلَّه نحو المخاطب له، فإن لم يفعل لم ينتفع بكلامه.

الثالث: أن يحضر قلبه وذهنه عند المكلِّم له وهو الشّهيد؛ أي الحاضر غير الغائب، فإن غاب قلبه وسافر في موضعٍ آخر لم ينتفع بالخطاب.

وهذا كما أنَّ المبصر لا يدرك حقيقة المرئيِّ إلَّا إذا كانت له قوّةٌ باصرةٌ، وحدَّقَ بها نحو المرئيِّ، ولم يكن قلبه مشغولًا بغير ذلك. فإن فقد القوّة المبصرة، أو لم يُحدِّق نحو المرئيِّ، أو حدَّقَ نحوه وقلبُه كلُّه في موضعٍ آخر= لم يدركه، فكثيرًا (٢) ما يمرُّ بك إنسانٌ أو غيره، وقلبك مشغولٌ بغيره، فلا تَشعُر بمروره. فهذا الشّأن يستدعي صحّة القلب وحضوره، وكمال الإصغاء.


(١) (ص ٩٣).
(٢) د: «فكثير».

<<  <  ج: ص:  >  >>